الأربعاء، 16 أغسطس 2017

الهروب منه اليه


الهروب منه إليه
لم أكن وحدي رغم انني ظننت باني كذلك ، كل تلك المحاولات للحصول على حياة أفضل أو على وعي أكبر كانت في الواقع محاولات يائسة غير واعية للهروب من الله لأجدني بين يديه ، لنكن صريحين أكثر مع انفسنا .. حينما يظن الانسان بأنه بقانون الجذب يستطيع الحصول على كل ما يريد بحسب مشيئته الشخصية ما الذي يحاول قوله فعلا ؟ ما الذي يحاول الوصول اليه ؟ رغم ان أغلب من يلجئون إلى عالم الطاقة هم من من يعتقدون بأنهم مؤمنون فعلا بالله ، و لكن الحقيقة هي بأنهم مخذولون و لم يفهموا مشيئته فعلا و محاولتهم لاعتماد قوانين الاجتذاب ما هي الا طريقة ملتوية تخبر بأنهم لم يعودا يثقوا بأن الله سيمنحهم ما يرغبون به ، و بالنسبة لآخرين فهم يعتقدون بأن الله يرفض بأن يمنحهم ما يريدون ، و بالنسبة لفئة أخرى فهم يرغبون في أمور سيئة او محرمة بالتالي لا يتجرأون على طلبها من الله نفسه !! فيطلبونها من "الطاقة" .. فمن هي تلك "الطاقة" التي نهرع لاستخدامها فتستخدمنا هي لنجدها في النهاية قد استعبدتنا تماما و سيطرت على حياتنا و اصبحت هي وحدها محوره و هي ذلك الجني الازرق الذي نخبئه في مصباح صغير مهمته الوحيدة تلبية رغباتنا حسب مشيئتنا نحن فقط ، هل نحن فقط من خدعنا ؟ ماذا بعد ذلك لو تعمقنا اكثر و اكثر ؟ إلى اين يمكن أن نصل ؟ و الى أي حد يمكن للطاقة ان تعطينا و ما الذي يمكنها أن تسلبه منا ؟

هل الطاقة إله آخر ؟
قد لا تؤمن عزيزي القاريء بما أؤمن به أنا و لك حرية الاعتقاد ، أما أنا فأؤمن بإله واحد خالق كل شيء كما ورد ذكره في الكتب السماوية ، و أرفض بالتالي اتباع اي إله آخر مزيف حتى و إن كان إلها لآخرين ، أما بالنسبة للطاقة التي صرنا نطلب منها كل ما نريد معللين ذلك بأنه "قانون كوني" و بأن الطاقة هي "أساس الحياة " و هي "الطاقة الكونية" التي نحصل عليها من "المصدر الكوني" ليتم بالتالي اتصالنا بما يطلق عليه "العقل الكوني" الذي يمتلك الإجابات لكل شيء فتلك معتقدات لديانة أخرى لا تؤمن أساسا بوجود إله خالق كما أعتقد انا ، و ما يتم تعليمه في دورات الطاقة رغم انه غير صريح في طريقة الطرح كي يستسيغه العالم يتم تغليفه بكثير من الوعود الكاذبة و يدرجونه تحت مسمى "علم الطاقة" إلا أنه في الواقع يتم تصنيفه عالميا تحت مسميات "روحانية" و "معتقدات شرقية" لأن منبعها يأتي من الأديان الشرقية من البوذية و الهندوسية و ما يسمى بــ new age  .. تلك المعتقدات حاولت أن تغزو العالم مثلما حاولت كل الاديان أن تنتشر بطريقة ما ، أما هذه الاديان الشرقية فكان أسلوبها خبيثا في غزو العالم فهي تختبيء تحت مسميات كثيرة منها مسمى "العلم" و منها مسمى "الرياضات الروحية" و أيضا تتلون بحسب المجتمعات التي تصل إليها فيتم خلطها بالمعتقدات الاسلامية في الدول الاسلامية لتكون مستساغة للزبائن المحليين ، أما في الدول المسيحية فتأخذ طابعا مسيحيا خادعا ، و في الدول الأخرى التي تمجد الإلحاد تتحول لتكون علما مجردا ، رغم أنها في الواقع ليست هذه و لا تلك بل هي مستقاة تماما من ديانات شرقية عجزت عن الانتشار بشتى الطرق بين الشعوب فلم تجد إلا التلون و الخداع طريقا سهلا لها ، أما ممارسات الطاقة فهي تستدرجك إلى العبادات الوثنية شيئا فشيئا حتى تجد نفسك قد وقعت في الفخ ، نعم فالتأمل بطرق الطاقة و طلب فتح العين الثالثة و أمور أخرى نتعلمها في دورات الطاقة ما هي إلا طريقة الديانات الشرقية في العبادة تماما كالصلاة و الصيام مثلا فانت بالاجتذاب تصلي و تدعي طالبا من "القوى الكونية" أن تساعدك !! و من يا ترى تكون تلك القوى الكونية ؟ فهل هناك في الكون قوة تعلو على قوة الله ؟ و لم لا أطلب من الله و كفى ؟؟ هل الله وحده لا يكفينا –و العياذ بالله- ؟
بالنسبة لمن يتبعون الديانة البوذية أو الهندوسية فهم لا يعتقدون بوجود إله واحد قادر على كل شي لذلك يقدسون أمورا مختلفة للوصول إلى مراتب أعلى ، و لأن تماثيلهم صماء عمياء فهم يضطرون لاعتماد امور معقدة جدا مثل الاجتذاب و الفونج شوي –طاقة المكان- و كتاب الاكاشيك –كتاب الحياة- لارضاء اكبر عدد من آلهتهم و للحصول على حلول لمشكلاتهم و أمل في حياتهم و شفاء من آلامهم ، هم لا يعرفون بأن إلها واحدا يغنينا عن الكل لأنه الكل في الكل و هو لن يخذلنا أبدا و لا يحتاج أن نقدم إليه طعاما و شرابا أمام أوثانه !!


هل تعتقد بأني أبالغ ؟
حسنا ، فلنأخذ الفينج شوي على سبيل المثال –"علم طاقة المكان"- و هو بالمناسبة عبارة عن تعديل خريطة و اثاث المنزل او المكان بتوزيع عناصر الحياة – "الماء – التراب – المعدن – النار – الخشب" – بحسب الجهات الأصلية –"شمال – شرق – غرب – جنوب "-  للحصول على افضل اجتذاب و لتكون طاقة المكان متوازنة بحسب قوانين كونية معينة ، على سبيل المثال : لابد بأن يتم وضع الماء –" مثل نافورة أو صورة ماء او لوحة لبحر أو شلال ..الخ"- في جهة الشمال لاجتذاب أفضل حياة مهنية لك و إن لم يكن هناك مياه فستجلب على نفسك النحس مهنيا !!
حسنا ، من أين أتت تلك النظرية ؟ هل تعلم بأن تلك الجهة هي مخصصة لإله المهنة كما يعتقدون و يرمز إليه بالماء !! و بأنك بوضعك لتلك الرموز فأنت تتعبد لذلك الإله طالبا بركته على مهنتك !! تماما كالمشهد الذي قد تراه حينما تسافر إلى دول شرقية - عندما ترى العابدين يضعون طعاما لأوثان بوذية و هندوسية يقدسونها - و تسخر منه لكنك في الواقع إن كنت ملتزما في الطاقة فلا فرق لك عنهم في شيء ..و ما تقوم به في الفينج شوي هو تماما ما يقومون به و هو باختصار "عبادة وثنية" صريحة !!



Pick up sticks !!
لعبة لعبناها جميعنا حينما كنا صغارا حينما نبعثر العصي او الاقلام و نتحدى بعضنا بأن نأخذ عصى واحدة بحذر شديد دون أن نسقط البقية ، كانت اللعبة منهكة للأعصاب و لكنها ممتعة و الامتع اننا جميعا كنا نعلم تماما بأن كل العصي ستسقط في النهاية لنسبب فوضى في المكان و نضحك ساخرين من بعضنا ببراءة !!
هذه اللعبة ما هي إلا مثال حي لكل من يعتقد بأنه ذكي كفاية لأن يخدع خادعيه ، تذكر إن كل فكرة مستقيمة هي من الله أما الطرق الملتوية فلا بد أن تحمل كذبا و خداعا فهي اذا من ابليس ، و ان كانت تلك الديانات تحاول خداعك و تعليمك طرقا ملتوية فلابد بأنها شيطانية الفكر ، فان كنت بالتالي تتعامل مع الشيطان نفسه الذي صنع الخداع و هو وحده مصدر كل الشر في العالم .. هل تعتقد بأنك تستطيع خداعه و الاستفادة منه دون أن تصيبك لعناته !؟ لا بد بأنك تخدع نفسك إذا !!!
فالفكرة التي تتكرر كثيرا هي : ربما يمكنني الاستفادة من الطاقة دون الخوض بتفاصيلها أو المبالغة إلى حد الانجراف للعبادات الوثنية !! ، المضحك في الامر بأن اصحاب هذا الفكر يعتقدون بأن هذه الفكرة هي قمة الذكاء بينما الواقع بأنها قمة في الغباء !! اذ لا يمكنك أبدا أن تعبر النهر دون أن تبتل ثيابك كذلك يستحيل أن تعبث في الطاقة دون أن تعرض نفسك للعنات آلهتها !! لأنك ببساطة قد خضعت بشكل أو بآخر لهم و اعترفت بأن لهم قوة ما او سلطة ما على حياتك او قدرة ما على منحك بركة ما مهما كانت أو حمايتك من ضرر، و كل ذلك يندرج تحت معتقدات عباد تلك الآلهة بينما الله لا يضعك في ذلك المحك و لا يتعامل معنا بهذا الأسلوب الرخيص لأن الله إله عظيم فهو لا يساوم و لا يتعامل بطرق و افكار ملتوية كالافكار الموجودة في الديانات الوضعية –الغير سماوية- و الفرق بينهم واضح كما أن الحل الوحيد هو التمسك بالله الوحيد القادر على حمايتك من تلك اللعنات الشيطانية بمجرد أن تلجأ إليه و تعترف بخطئك و تتوب عنه بصدق مغيرا أفكارك التي تلوثت أولا ليتغير قلبك و بالتالي اسلوب حياتك .

لا تثق أبدا إلا بالله
كلهم كاذبون ، جميعهم يترجون مصالحا مادية ملموسة من تلك الممارسات ، و لو كانت بضاعتهم من الله لما أخذوا مالا مقابلا لها بل و مبالغ طائلة !! ، و لو كان ما يدعونه من "سلام داخلي" و "تنوير" و "ايجابية" حقيقي و واقعي لكانت استاذة الدورة -على سبيل المثال- ساعدتني بلا مقابل لمرة واحدة على الأقل !! لكنها كانت مزيفة تماما ، تدعي بيع ما لا تملك !! لم يجدر بي ان أثق بها أو أن ارجو شيئا من طاقتها او من طاقة غيرها فالله يعطي مجانا و بلا حساب و لو كانت تعرف الله حقا لساعدت الناس بلا مقابل ولكن هدفها الاول و الأخير هو المال و الشهرة و ليس العلاج او المساعدة ، لا أتكلم هنا عنها شخصيا و لكنها واحدة من آلاف معلمي و معالجي الطاقة الذين يدعون ما لا يملكون حقا !! في الواقع فالمباديء التي تنشأ عليها علوم الطاقة رغم أنها تبدو ايجابية للبعض و غريبة للبعض الآخر إلا أنها في الواقع سلبية جدا و شريرة جدا و مخادعة تؤدي في نهاية المطاف إلى افساد الشخصية تماما و مضاعفة مشاكلها بل و اضافة مشكلات جديدة لم تكن موجودة أصلا !!
ان كنت صاحب تجربة شخصية في هذا المجال فلا بد أنك مررت بأحد الأمور التالية :
-اجتذاب ينجح و آخر لا ينجح بدون أسباب واضحة
-اجتذاب امور سلبية دون الايجابية
-شفاء جانب من حياتك بشكل مؤقت ثم انهيار جوانب اخرى بشكل متلاحق
-تزداد الاحتياجات و يقل الرضى
-تتحول الشخصية إلى شخصية تنشد الكمال في كل شيء و عدم تحقق ذلك يسبب السخط و الغضب و الشكوك في القدرات الذاتية و النوايا الشخصية او نوايا الآخرين
-تتحول الشخصيات في كثير من الاحيان إلى شخصيات انتقائية و انعزالية بسبب الاصرار على الابتعاد عن كل الاشخاص السلبيين بدلا من تقبلهم و محبتهم و مساعدتهم
-التفكير في الأنا باستمرار و تعظيم الذات لحد عبادتها و يظن الشخص بأنه مثالي و هو فقط على حق حتى يصطدم بواقع انه ليس كاملا حقا فتهتز ثقته بنفسه
-القلق المستمر و الخوف من المستقبل و بالتالي اللجوء إلى العرافة
-التركيز على الأنا و الرغبات الذاتية يزيد من الرغبة في التحكم في كل الظروف –من باب الاجتذاب- فإن لم يتحقق كل شيء كما يريد الشخص و بالكمال المطلوب قد يلجأ إلى استخدام التعويذات أو السحر
-يفقد الشخص القيمة الحقيقية لذاته و لحياته و يربطها بنجاحاته المادية الملموسة أو نجاح علاقاته و يميل الشخص للأنانية و التكبر في حال النجاح و الاحباط و الانكسار في حال عدم تحقيق الانجازات المرجوة
-تزداد عدوانية الشخص لان التنويم المغناطيسي و ممارسات التأمل هي مجرد مسكنات للألم النفسي تجعل الفرد عاجزا عن التعبير عن مشاعر الألم أو الحزن او الغضب الحقيقي فيلبس سلاما مزيفا و كأنه في حالة سلام و لكنه في الواقع ينكر ألمه حتى ينفجر في لحظات غير متوقعة و بطرق غريبة و غير صحية لنفسية الانسان .
هل تعرضت لأكثر من ذلك ؟ هل تعلم بأن الطاقة قد تقتل ؟ و بانها تعرضك للأمراض روحيا و نفسيا و جسديا ؟ هل تعلم بأن كل طاقة ايجابية تحصل عليها عليك أن تدفع ثمنها من حياتك لأن لا شيء مجاني أبدا !! الثمن لا يكون بالضرورة مادي و لكن الثمن قد يشمل حياتك فمن حق تلك الآلهة التي منحتك "بركاتها" أن تسلب من حياتك ما تشاء مقابل ما منحته لك !!
تلك الآلهة التي تعبدها في الواقع قد لا يتم اخبارك بأنك تقوم بعبادتها حقا ولكن دعني اذكرك بالتأملات التي قمت بها مع مجموعات الطاقة ، هل أخبروك مثلا بأن تستقي الطاقة من : الشمس ، القمر ، البحر ، الأرض  ، الشلال ، الشجر ، الطبيعة ، الجبل ، الحجر او الأحجار الكريمة ، الألوان "و كل لون يرمز إلى عنصر ما و كل عنصر يرمز إلى إله معين" ، النار "مثل الشموع" ، التراب ، المعادن " مثل الذهب و الفضة" ، الخشب ،......الخ
بل و احيانا يتم لفظ اسماء لآلهة معينه بعد أخذ نفس عميق و يدعون بأن ما تخبر به مجرد أصوات رنانة لها طاقة ايجابية في الواقع هي اسماء لآلهة هندوسية انت تقوم بمناداتها و اخذ النفس العميق المصاحب لتلك النداءات ما هي إلا طلب منك بأن تسكن أرواح تلك الآلهة بداخلك !! – أو ما يدعونه بأنك تستقبل الطاقات الايجابية في داخلك – و الواقع بأن ما ذكرته من عناصر طبيعة هي آلهة تعبد كما أن أصحاب الديانات الشرقية يعتقدون على سبيل المثال بأن البحر له إله و هو قادر على أن يباركك و "ينظف طاقتك" أي ان يمسح ذنوبك !! و هذه عبارة عن عبادة صريحة لآلهة البحر .. إلا أن الله الخالق وحدة يستطيع أن يحمل عنك حزنك و ألمك و يغفر ذنوبك و خطاياك ، لا البحر و لا الشمس و لا القمر و لا حتى الحجر يمكنه منحك أي سلام حقيقي !!

مع من أتعامل عندما اتعامل مع الطاقة اذا ؟
كل تلك الآلهة المزيفة هي صور لمخلوقات جامدة لا تضر و لا تنفع ، و لكن الشياطين تستطيع أن توهمك بأن لها سلطة ما او قدرة على حياتك ، في الحقيقة البحر مثلا لا يمكنه أبدا أن يمنحك اي نوع من أنواع التطهير الروحي ، و ان كنت تستمتع بمنظر البحر إلا أن البحر مخلوق جامد ليس بامكانه تغيير افكار أو مشاعرك حقا و لكن ابليس يستطيع اقناعك بان له قدرة ما على حياتك و بالتالي تكون قد أشركت بالله دون أن تدرك و هنا يمتلك ابليس الحق في تملك حياتك لأنك سلمتها له دون أن تنتبه لذلك !! لماذا يقوم ابليس بتلك الخدعة ؟؟ لأسباب كثيرة أهمها أن تبتعد عن الله مصدرك الوحيد و الأكيد لكل الحياة و السعادة و النعم ، و الاعتقاد بأنك يمكنك أن تعتمد على نفسك او على أي شيء آخر غير الله سيكسرك حتما لأن لا أحد يمكنه أن يفعل أي شيء بدون قدرة الله و قوته و بركته .


يتبع ...