الأربعاء، 16 أغسطس 2017

الهروب منه اليه


الهروب منه إليه
لم أكن وحدي رغم انني ظننت باني كذلك ، كل تلك المحاولات للحصول على حياة أفضل أو على وعي أكبر كانت في الواقع محاولات يائسة غير واعية للهروب من الله لأجدني بين يديه ، لنكن صريحين أكثر مع انفسنا .. حينما يظن الانسان بأنه بقانون الجذب يستطيع الحصول على كل ما يريد بحسب مشيئته الشخصية ما الذي يحاول قوله فعلا ؟ ما الذي يحاول الوصول اليه ؟ رغم ان أغلب من يلجئون إلى عالم الطاقة هم من من يعتقدون بأنهم مؤمنون فعلا بالله ، و لكن الحقيقة هي بأنهم مخذولون و لم يفهموا مشيئته فعلا و محاولتهم لاعتماد قوانين الاجتذاب ما هي الا طريقة ملتوية تخبر بأنهم لم يعودا يثقوا بأن الله سيمنحهم ما يرغبون به ، و بالنسبة لآخرين فهم يعتقدون بأن الله يرفض بأن يمنحهم ما يريدون ، و بالنسبة لفئة أخرى فهم يرغبون في أمور سيئة او محرمة بالتالي لا يتجرأون على طلبها من الله نفسه !! فيطلبونها من "الطاقة" .. فمن هي تلك "الطاقة" التي نهرع لاستخدامها فتستخدمنا هي لنجدها في النهاية قد استعبدتنا تماما و سيطرت على حياتنا و اصبحت هي وحدها محوره و هي ذلك الجني الازرق الذي نخبئه في مصباح صغير مهمته الوحيدة تلبية رغباتنا حسب مشيئتنا نحن فقط ، هل نحن فقط من خدعنا ؟ ماذا بعد ذلك لو تعمقنا اكثر و اكثر ؟ إلى اين يمكن أن نصل ؟ و الى أي حد يمكن للطاقة ان تعطينا و ما الذي يمكنها أن تسلبه منا ؟

هل الطاقة إله آخر ؟
قد لا تؤمن عزيزي القاريء بما أؤمن به أنا و لك حرية الاعتقاد ، أما أنا فأؤمن بإله واحد خالق كل شيء كما ورد ذكره في الكتب السماوية ، و أرفض بالتالي اتباع اي إله آخر مزيف حتى و إن كان إلها لآخرين ، أما بالنسبة للطاقة التي صرنا نطلب منها كل ما نريد معللين ذلك بأنه "قانون كوني" و بأن الطاقة هي "أساس الحياة " و هي "الطاقة الكونية" التي نحصل عليها من "المصدر الكوني" ليتم بالتالي اتصالنا بما يطلق عليه "العقل الكوني" الذي يمتلك الإجابات لكل شيء فتلك معتقدات لديانة أخرى لا تؤمن أساسا بوجود إله خالق كما أعتقد انا ، و ما يتم تعليمه في دورات الطاقة رغم انه غير صريح في طريقة الطرح كي يستسيغه العالم يتم تغليفه بكثير من الوعود الكاذبة و يدرجونه تحت مسمى "علم الطاقة" إلا أنه في الواقع يتم تصنيفه عالميا تحت مسميات "روحانية" و "معتقدات شرقية" لأن منبعها يأتي من الأديان الشرقية من البوذية و الهندوسية و ما يسمى بــ new age  .. تلك المعتقدات حاولت أن تغزو العالم مثلما حاولت كل الاديان أن تنتشر بطريقة ما ، أما هذه الاديان الشرقية فكان أسلوبها خبيثا في غزو العالم فهي تختبيء تحت مسميات كثيرة منها مسمى "العلم" و منها مسمى "الرياضات الروحية" و أيضا تتلون بحسب المجتمعات التي تصل إليها فيتم خلطها بالمعتقدات الاسلامية في الدول الاسلامية لتكون مستساغة للزبائن المحليين ، أما في الدول المسيحية فتأخذ طابعا مسيحيا خادعا ، و في الدول الأخرى التي تمجد الإلحاد تتحول لتكون علما مجردا ، رغم أنها في الواقع ليست هذه و لا تلك بل هي مستقاة تماما من ديانات شرقية عجزت عن الانتشار بشتى الطرق بين الشعوب فلم تجد إلا التلون و الخداع طريقا سهلا لها ، أما ممارسات الطاقة فهي تستدرجك إلى العبادات الوثنية شيئا فشيئا حتى تجد نفسك قد وقعت في الفخ ، نعم فالتأمل بطرق الطاقة و طلب فتح العين الثالثة و أمور أخرى نتعلمها في دورات الطاقة ما هي إلا طريقة الديانات الشرقية في العبادة تماما كالصلاة و الصيام مثلا فانت بالاجتذاب تصلي و تدعي طالبا من "القوى الكونية" أن تساعدك !! و من يا ترى تكون تلك القوى الكونية ؟ فهل هناك في الكون قوة تعلو على قوة الله ؟ و لم لا أطلب من الله و كفى ؟؟ هل الله وحده لا يكفينا –و العياذ بالله- ؟
بالنسبة لمن يتبعون الديانة البوذية أو الهندوسية فهم لا يعتقدون بوجود إله واحد قادر على كل شي لذلك يقدسون أمورا مختلفة للوصول إلى مراتب أعلى ، و لأن تماثيلهم صماء عمياء فهم يضطرون لاعتماد امور معقدة جدا مثل الاجتذاب و الفونج شوي –طاقة المكان- و كتاب الاكاشيك –كتاب الحياة- لارضاء اكبر عدد من آلهتهم و للحصول على حلول لمشكلاتهم و أمل في حياتهم و شفاء من آلامهم ، هم لا يعرفون بأن إلها واحدا يغنينا عن الكل لأنه الكل في الكل و هو لن يخذلنا أبدا و لا يحتاج أن نقدم إليه طعاما و شرابا أمام أوثانه !!


هل تعتقد بأني أبالغ ؟
حسنا ، فلنأخذ الفينج شوي على سبيل المثال –"علم طاقة المكان"- و هو بالمناسبة عبارة عن تعديل خريطة و اثاث المنزل او المكان بتوزيع عناصر الحياة – "الماء – التراب – المعدن – النار – الخشب" – بحسب الجهات الأصلية –"شمال – شرق – غرب – جنوب "-  للحصول على افضل اجتذاب و لتكون طاقة المكان متوازنة بحسب قوانين كونية معينة ، على سبيل المثال : لابد بأن يتم وضع الماء –" مثل نافورة أو صورة ماء او لوحة لبحر أو شلال ..الخ"- في جهة الشمال لاجتذاب أفضل حياة مهنية لك و إن لم يكن هناك مياه فستجلب على نفسك النحس مهنيا !!
حسنا ، من أين أتت تلك النظرية ؟ هل تعلم بأن تلك الجهة هي مخصصة لإله المهنة كما يعتقدون و يرمز إليه بالماء !! و بأنك بوضعك لتلك الرموز فأنت تتعبد لذلك الإله طالبا بركته على مهنتك !! تماما كالمشهد الذي قد تراه حينما تسافر إلى دول شرقية - عندما ترى العابدين يضعون طعاما لأوثان بوذية و هندوسية يقدسونها - و تسخر منه لكنك في الواقع إن كنت ملتزما في الطاقة فلا فرق لك عنهم في شيء ..و ما تقوم به في الفينج شوي هو تماما ما يقومون به و هو باختصار "عبادة وثنية" صريحة !!



Pick up sticks !!
لعبة لعبناها جميعنا حينما كنا صغارا حينما نبعثر العصي او الاقلام و نتحدى بعضنا بأن نأخذ عصى واحدة بحذر شديد دون أن نسقط البقية ، كانت اللعبة منهكة للأعصاب و لكنها ممتعة و الامتع اننا جميعا كنا نعلم تماما بأن كل العصي ستسقط في النهاية لنسبب فوضى في المكان و نضحك ساخرين من بعضنا ببراءة !!
هذه اللعبة ما هي إلا مثال حي لكل من يعتقد بأنه ذكي كفاية لأن يخدع خادعيه ، تذكر إن كل فكرة مستقيمة هي من الله أما الطرق الملتوية فلا بد أن تحمل كذبا و خداعا فهي اذا من ابليس ، و ان كانت تلك الديانات تحاول خداعك و تعليمك طرقا ملتوية فلابد بأنها شيطانية الفكر ، فان كنت بالتالي تتعامل مع الشيطان نفسه الذي صنع الخداع و هو وحده مصدر كل الشر في العالم .. هل تعتقد بأنك تستطيع خداعه و الاستفادة منه دون أن تصيبك لعناته !؟ لا بد بأنك تخدع نفسك إذا !!!
فالفكرة التي تتكرر كثيرا هي : ربما يمكنني الاستفادة من الطاقة دون الخوض بتفاصيلها أو المبالغة إلى حد الانجراف للعبادات الوثنية !! ، المضحك في الامر بأن اصحاب هذا الفكر يعتقدون بأن هذه الفكرة هي قمة الذكاء بينما الواقع بأنها قمة في الغباء !! اذ لا يمكنك أبدا أن تعبر النهر دون أن تبتل ثيابك كذلك يستحيل أن تعبث في الطاقة دون أن تعرض نفسك للعنات آلهتها !! لأنك ببساطة قد خضعت بشكل أو بآخر لهم و اعترفت بأن لهم قوة ما او سلطة ما على حياتك او قدرة ما على منحك بركة ما مهما كانت أو حمايتك من ضرر، و كل ذلك يندرج تحت معتقدات عباد تلك الآلهة بينما الله لا يضعك في ذلك المحك و لا يتعامل معنا بهذا الأسلوب الرخيص لأن الله إله عظيم فهو لا يساوم و لا يتعامل بطرق و افكار ملتوية كالافكار الموجودة في الديانات الوضعية –الغير سماوية- و الفرق بينهم واضح كما أن الحل الوحيد هو التمسك بالله الوحيد القادر على حمايتك من تلك اللعنات الشيطانية بمجرد أن تلجأ إليه و تعترف بخطئك و تتوب عنه بصدق مغيرا أفكارك التي تلوثت أولا ليتغير قلبك و بالتالي اسلوب حياتك .

لا تثق أبدا إلا بالله
كلهم كاذبون ، جميعهم يترجون مصالحا مادية ملموسة من تلك الممارسات ، و لو كانت بضاعتهم من الله لما أخذوا مالا مقابلا لها بل و مبالغ طائلة !! ، و لو كان ما يدعونه من "سلام داخلي" و "تنوير" و "ايجابية" حقيقي و واقعي لكانت استاذة الدورة -على سبيل المثال- ساعدتني بلا مقابل لمرة واحدة على الأقل !! لكنها كانت مزيفة تماما ، تدعي بيع ما لا تملك !! لم يجدر بي ان أثق بها أو أن ارجو شيئا من طاقتها او من طاقة غيرها فالله يعطي مجانا و بلا حساب و لو كانت تعرف الله حقا لساعدت الناس بلا مقابل ولكن هدفها الاول و الأخير هو المال و الشهرة و ليس العلاج او المساعدة ، لا أتكلم هنا عنها شخصيا و لكنها واحدة من آلاف معلمي و معالجي الطاقة الذين يدعون ما لا يملكون حقا !! في الواقع فالمباديء التي تنشأ عليها علوم الطاقة رغم أنها تبدو ايجابية للبعض و غريبة للبعض الآخر إلا أنها في الواقع سلبية جدا و شريرة جدا و مخادعة تؤدي في نهاية المطاف إلى افساد الشخصية تماما و مضاعفة مشاكلها بل و اضافة مشكلات جديدة لم تكن موجودة أصلا !!
ان كنت صاحب تجربة شخصية في هذا المجال فلا بد أنك مررت بأحد الأمور التالية :
-اجتذاب ينجح و آخر لا ينجح بدون أسباب واضحة
-اجتذاب امور سلبية دون الايجابية
-شفاء جانب من حياتك بشكل مؤقت ثم انهيار جوانب اخرى بشكل متلاحق
-تزداد الاحتياجات و يقل الرضى
-تتحول الشخصية إلى شخصية تنشد الكمال في كل شيء و عدم تحقق ذلك يسبب السخط و الغضب و الشكوك في القدرات الذاتية و النوايا الشخصية او نوايا الآخرين
-تتحول الشخصيات في كثير من الاحيان إلى شخصيات انتقائية و انعزالية بسبب الاصرار على الابتعاد عن كل الاشخاص السلبيين بدلا من تقبلهم و محبتهم و مساعدتهم
-التفكير في الأنا باستمرار و تعظيم الذات لحد عبادتها و يظن الشخص بأنه مثالي و هو فقط على حق حتى يصطدم بواقع انه ليس كاملا حقا فتهتز ثقته بنفسه
-القلق المستمر و الخوف من المستقبل و بالتالي اللجوء إلى العرافة
-التركيز على الأنا و الرغبات الذاتية يزيد من الرغبة في التحكم في كل الظروف –من باب الاجتذاب- فإن لم يتحقق كل شيء كما يريد الشخص و بالكمال المطلوب قد يلجأ إلى استخدام التعويذات أو السحر
-يفقد الشخص القيمة الحقيقية لذاته و لحياته و يربطها بنجاحاته المادية الملموسة أو نجاح علاقاته و يميل الشخص للأنانية و التكبر في حال النجاح و الاحباط و الانكسار في حال عدم تحقيق الانجازات المرجوة
-تزداد عدوانية الشخص لان التنويم المغناطيسي و ممارسات التأمل هي مجرد مسكنات للألم النفسي تجعل الفرد عاجزا عن التعبير عن مشاعر الألم أو الحزن او الغضب الحقيقي فيلبس سلاما مزيفا و كأنه في حالة سلام و لكنه في الواقع ينكر ألمه حتى ينفجر في لحظات غير متوقعة و بطرق غريبة و غير صحية لنفسية الانسان .
هل تعرضت لأكثر من ذلك ؟ هل تعلم بأن الطاقة قد تقتل ؟ و بانها تعرضك للأمراض روحيا و نفسيا و جسديا ؟ هل تعلم بأن كل طاقة ايجابية تحصل عليها عليك أن تدفع ثمنها من حياتك لأن لا شيء مجاني أبدا !! الثمن لا يكون بالضرورة مادي و لكن الثمن قد يشمل حياتك فمن حق تلك الآلهة التي منحتك "بركاتها" أن تسلب من حياتك ما تشاء مقابل ما منحته لك !!
تلك الآلهة التي تعبدها في الواقع قد لا يتم اخبارك بأنك تقوم بعبادتها حقا ولكن دعني اذكرك بالتأملات التي قمت بها مع مجموعات الطاقة ، هل أخبروك مثلا بأن تستقي الطاقة من : الشمس ، القمر ، البحر ، الأرض  ، الشلال ، الشجر ، الطبيعة ، الجبل ، الحجر او الأحجار الكريمة ، الألوان "و كل لون يرمز إلى عنصر ما و كل عنصر يرمز إلى إله معين" ، النار "مثل الشموع" ، التراب ، المعادن " مثل الذهب و الفضة" ، الخشب ،......الخ
بل و احيانا يتم لفظ اسماء لآلهة معينه بعد أخذ نفس عميق و يدعون بأن ما تخبر به مجرد أصوات رنانة لها طاقة ايجابية في الواقع هي اسماء لآلهة هندوسية انت تقوم بمناداتها و اخذ النفس العميق المصاحب لتلك النداءات ما هي إلا طلب منك بأن تسكن أرواح تلك الآلهة بداخلك !! – أو ما يدعونه بأنك تستقبل الطاقات الايجابية في داخلك – و الواقع بأن ما ذكرته من عناصر طبيعة هي آلهة تعبد كما أن أصحاب الديانات الشرقية يعتقدون على سبيل المثال بأن البحر له إله و هو قادر على أن يباركك و "ينظف طاقتك" أي ان يمسح ذنوبك !! و هذه عبارة عن عبادة صريحة لآلهة البحر .. إلا أن الله الخالق وحدة يستطيع أن يحمل عنك حزنك و ألمك و يغفر ذنوبك و خطاياك ، لا البحر و لا الشمس و لا القمر و لا حتى الحجر يمكنه منحك أي سلام حقيقي !!

مع من أتعامل عندما اتعامل مع الطاقة اذا ؟
كل تلك الآلهة المزيفة هي صور لمخلوقات جامدة لا تضر و لا تنفع ، و لكن الشياطين تستطيع أن توهمك بأن لها سلطة ما او قدرة على حياتك ، في الحقيقة البحر مثلا لا يمكنه أبدا أن يمنحك اي نوع من أنواع التطهير الروحي ، و ان كنت تستمتع بمنظر البحر إلا أن البحر مخلوق جامد ليس بامكانه تغيير افكار أو مشاعرك حقا و لكن ابليس يستطيع اقناعك بان له قدرة ما على حياتك و بالتالي تكون قد أشركت بالله دون أن تدرك و هنا يمتلك ابليس الحق في تملك حياتك لأنك سلمتها له دون أن تنتبه لذلك !! لماذا يقوم ابليس بتلك الخدعة ؟؟ لأسباب كثيرة أهمها أن تبتعد عن الله مصدرك الوحيد و الأكيد لكل الحياة و السعادة و النعم ، و الاعتقاد بأنك يمكنك أن تعتمد على نفسك او على أي شيء آخر غير الله سيكسرك حتما لأن لا أحد يمكنه أن يفعل أي شيء بدون قدرة الله و قوته و بركته .


يتبع ...

الأربعاء، 19 يوليو 2017

من التنمية البشرية الى علوم الطاقة

من التنمية البشرية الى علوم الطاقة

بدأت رحلتي مع علوم الطاقة في العام 2010 عندما سجلت في أول دورة لتعليمها و لم أكن أعرف اي شيء عن هذا العالم المختلف جدا ، كنت اظن في البداية بأن علوم الطاقة ما هي إلا امتداد لعلوم التنمية البشرية و بأن التنمية البشرية ما هي الا امتداد لعلم النفس و لكن شتان ما بين كل واحد منهم و الاخر ، فعلوم التنمية البشرية بدأت بتعلمها في عمر صغير جدا في العام 1997 عندما كنت مجرد تلميذة في المدرسة تمنيت أن أحصل على درجات أعلى لكن كثرة المواد أنهكت ذاكرتي من طول النصوص المفروض علي حفظها ، و في يوم ما كنت اتابع برنامجا مسائيا على شاشة تلفزيون الكويت حيث كان يبث لقاءا مع دكتور كويتي يدعي بأنه يستطيع تحويل كل درجاتي الى امتياز و بأنه يستطيع أن ينزل وزن أي كان – رغم انه لم يكن يتمتع بالرشاقة – و وعود براقة أخرى كثيرة ، كيف كان ذلك؟ بدينار واحد !! نعم .. بدينار واحد فقط !! ، توجهت إلى أقرب مكتبة في اقرب جمعية تعاونية و اشتريت بمصروفي شريط كاسيت واحد بدينار واحد و عدت إلى المنزل قفلت باب غرفتي و اطفأت الأضواء و وضعت الشريط في المسجل و اغمضت عيني ، كان الشريط عبارة عن تنويم مغناطيسي بصوته مدته أكثر من نصف ساعة متواصله ، علي أن استسلم تماما لكل فكرة يقولها كي تدخل مباشرة إلى عقلي الباطن ، التزمت بكل شيء كان يهمس به و كنت اسمع الشريط مرتين يوميا لمدة ثلاثين يوما في العطلة الصيفية ، و حينما بدأت الدراسة تشجعت كثيرا و ارتفعت درجاتي في البداية فعلا ثم بدأ الاحباط و التراجع و لم تسعفني بعدها كثرة استماعي للشريط بل بدأت أشكك في قدراتي الذاتية بدلا من أن أشكك في ذلك الشريط .
اذا كانت تلك هي أول تجرية لي مع التنمية البشرية التي كنت امدحها جهارا و لكن بيني و بين نفسي كنت أشكك بأنها قد لا تصلح للجميع ، فهي لم تصلح لي فعلا !! كنت أظن بأن ثمة خلل فيّ حتى اعترتني حالة من الاكتئاب الشديدة لأني كنت اقيم ذاتي بنجاحي و تفوقي الدراسي لأن ذلك بالضبط ما كان يزرع في عقلي الباطن من خلال شريط التنويم المغناطيسي ، و حين لم تكن درجاتي الدراسية كما اتمنى بأن تكون كنت أصاب بحالة من الاحباط و اليأس حتى اني كنت أنام لمدة اسبوع متواصل و لا أرغب في مغادرة الفراش أبدا !! لم تكن طموحي بأن أنجح في دراستي فقط بل كنت اطمح بأن تكون كل درجاتي كاملة و كل تقديراتي ممتازة !! حتى ان كل درجة كانت تنقص في شهادتي الدراسية كانت تنقص من احترامي لذاتي ، كنت اظن بأني لا أستحق شيئا .. لا استحق السعادة و لا استحق صديقاتي و لا مديح مدرساتي و لا استحق ملابسا جديدة و لا هدايا ثمينة ... كنت محطمة حتى اني تمنيت الموت !! نعم بسبب درجات دراسية !! و من وضع تلك الافكار في رأسي ؟؟ انه ذلك الشريط الذي اشتريته بنفسي حيث انه ربط في عقلي الباطن بين نجاحي في الدراسة و نجاحي في الحياة ككل و تقييمي لذاتي ، لم أكن أدرك في ذلك الوقت بأنه هو السبب بل اعتقدت بأن الخلل – كل الخلل – فيني انا و استمرت تلك الفكرة في عقلي الباطن منذ ايام المدرسة و حتى اخر يوم لي في المرحلة الجامعية ، و كلما كنت أكبر كان مستواي الدراسي يهبط و ثقتي بنفسي تقل و احاول بشتى الطرق أن أثبت للآخرين بأني لست غبية و لست فاشلة .. فقط حتى لا أنتحر !!
هل تعتقد عزيزي القاريء بأن ذلك كله نبهني بأن الخلل كان في الشريط الذي اشتريته بدينار واحد ؟ لا ، أبدا .. بل استمريت في شراء الكتب و الأشرطة التي تعلم كل ما يتعلق بالتنمية البشرية لاعتقادي بأن الخلل فيّ انا .


خلل يكبر و اسئلة تتضاعف !!

اقتنعت تماما بأن ثمة خلل فيّ انا حتى أن الكتاب الشهير "السر" لم يشفع لي !! فلم أستطع جذب أي شيء يذكر أو ذو فائدة حقيقية ، اذا لا أبراج و لا تنمية بشرية .. حسنا ، ماذا بعد ؟
هنا كنت محطمة على كرسي خشبي أمام سبورة و معلمة تشرح لنا اساسيات علم الطاقة ، كان كلامها غريبا جدا حتى ان كثيرا من المتدربات كن يسخرن منها و من الموضوع برمته ، لكن المعلمة كانت مصرة بأن علم الطاقة هو الجنة الموعودة و سيجيبنا عن كل أسئلتنا و سيمنحنا بركات و قدرات خارقة ستبهر كل من حولنا ، اما انا و كتلميذة مجتهدة كنت احرص على الحضور و استمع دون أدنى انتقاد ، لم أسأل عن اي شيء .. كنت اتلقى البضاعة المطروحة فقط متمسكة بقشة أمل ، و بعد اسابيع من الدورة انكشفت الاقنعة عن نوايا المتدربات ، فكل واحدة منهن صرحت برغباتها المكبوته التي جاءت الى الدورة ساعية لتلبيتها ، لن تصدقوا ما كانت نواياهن !! سأختصرها بكلمتين " الجشع و التحكم بالاخرين !!" ، لم يكن الموضوع يعنيني حقا فأنا لست مهووسة بالتحكم في أحد ما في حياتي و لست طمعانة في اي ماديات ، لم تكن تلك قضيتي و لا حاجتي بل كنت أرغب في تعلم المزيد ، و لم يكن تركيزي مع زميلاتي بل مع المعلمة التي لم اكلمها على انفراد الا في اليوم الأخير من الدورة و في الساعة الأخيرة منها ، توجهت اليها و دموع في عيني طامحة في حل لمشكلة فيّ لا أدركها ، توقعت بأنها تملك كل الحلول السحرية او على الأقل بأنها ستتعاطف معي لأن علم الطاقة يدعوها لأن تكون شخصية مثالية بشكل أو بآخر ، لكن المفاجأة كانت انها تجاهلت كل انسانيتي و وضعت امامي حلا واحدا وهو أن احجز موعدا معها في عيادتها بمبلغ و قدره ... !! أو لا تحدثيني أبدا !!
اي انها فقط ترى امامها "زبونة" و ليس " انسانة " !!
مجددا لابد بأن المشكلة تكمن فيّ انا و ليس في المعلمة و لا في علم الطاقة ، ثم ان ما هو هذا العلم ؟ ارغب في معرفة المزيد عنه، بحثت و تعلمت وحدي من خلال الكتب و مواقع الانترنت و سجلت في كل الدورات المعلن عنها في كل مكان و في أقل من عام صارت معلماتي تشهدن لي بأني قادرة الان على تعليم الأخريات و شفائهن و علاج مشكلات حياتهن من خلال علوم الطاقة المختلفة فقد كنت نابغة في التنويم المغناطيسي و الاستشارات و البرانيك هيلنج و كتاب الأكاشيك و طاقة المكان أو ما يسمى بالفينج شوي ، لم تكن مساعداتي بالمجان بل اصبح الجميع مستعد لدفع اي مبلغ اطلبه مقابل التحدث معي لمدة ساعة واحدة فقط !!
في المقابل كانت حياتي الشخصية تتحطم يوما بعد يوم ..


مسكنات الألم لا تعالج الألم حقا !!

أما المقربون مني فكانوا يتعجبون ، ظن الجميع بأني امتلك قوة هائلة و سلام داخلي لا مثيل له لأن لا ردة فعل مني على كل ما يحصل في حياتي و كأنني مخدرة تماما ، حتى أن كثيرين شكوا فعلا بأنني اتعاطى مخدرا ما أو حبوبا مهدئة ، كنت انام كثيرا جدا ، و حتى عندما اكون في وسط الآخرين اسرح دائما ، لست فعلا هنا !! كنت في اي مكان آخر عدا الواقع .. لأنه كان مؤلما جدا !! كنت أردد كل العبارات الايجابية و اهرب بها من واقعي ، اعلق كل يوم امنياتي على لوحة الاجتذاب المعلقة يمين التلفاز و احاول أن أقنع نفسي بأني استطيع جذب كل ما أريده بنفسي ، نسيت الدعاء .. ظننت بأن الله خذلني و لم أعد أهمه لأني لم أعتمد على نفسي ، ربما هي رغبة الله ان أعتمد على نفسي بدلا من أن ازعجه بطلباتي التي لا تنتهي !! لم انا اتكالية ؟ ، ثم أعود و أؤمن بأن كل امنياتي ستتحقق ..
 و لكن لا شيء يبقى فعلا ...


يتبع ...

الاثنين، 17 يوليو 2017

اين مواضيع الأبراج الفلكية ؟

اين مواضيع الأبراج الفلكية ؟
مرحبا اعزائي المتابعين المخلصين الذين تابعتموني منذ سنوات على هذه المدونة و على مواقع التويتر و الانستغرام و الاهم منهم كلهم كان السناب شات .
هذا السؤال تردد كثيرا و اعلاني لترك عالم الاسترولوجي اثار ضجة غريبة حولي حتى أني قد هوجمت بشكل شخصي في حياتي الشخصية و تغير تعامل بعض صديقاتي معي و كأنني قد أعلنت جنوني رسميا !!
الاجابة على السؤال المكتوب أعلاه بأن كل مواضيع الابراج الفلكية قد تم مسحها بيدي .. نعم !! نفس اليدان اللتان كتبتا كل شيء قد عادتا لتمسحان كل شيء .. لم يكن ذلك محض الصدفة بالطبع و لكن لكل شيء سبب بل و أسباب .
فلنبدأ اذا القصة منذ البداية ..

لماذا تعلمت الاسترولوجي ؟
ترعرعت في أسرة تقدر العلم و الشهادات بصورة مبالغ بها و كانت الاهانة الأكبر هي أن أكون جاهلة و غير ملمة بشيء ما . . اما الكتب فهي تتناثر في منزلنا و نقرأ كل شيء منذ طفولتنا ، حتى اني في سن الثانية عشر كنت امضي وقتي بقراءة كتب اختي التي تدرس في الجامعة ، أغلب صديقاتي كن أكبر مني و في يوم ما سألتني زميلة تكبرني عن برجي فأجبتها رغم اني لا أملك أية معلومات أكثر من ذلك فيما يخص هذا الموضوع .. فسخرت مني و عيرتني بصفات برجي بانها سيئة ، لانها و لسبب ما .. لا تحب مواليد برجي !! ، استفزني الموضوع و توجهت إلى كل المكتبات لابحث عن كل الكتب المتخصصة في الابراج و في الاسترولوجي ، فهمت و حفظت و تابعت برنامجا كان يبث كل صباح على احدى القنوات اللبنانية ، كان ذلك الهوس يوميا و كان ممتعا و لم يؤثر على دراستي أبدا .. و قبل نهاية العام علمت جميع طالبات المدرسة بأني أملك علما مميزا فيما يختص بالابراج حتى ان تلك الفتاة التي تحدتني اصبحت تستشيرني في كل شيء يخص الابراج !! نعم في اقل من عام واحد !! و استمر الهوس عشرون عاما..
كيف كانت الحياة مع الاسترولوجي ؟
كانت حياتي مع الابراج و الاسترولوجي غريبة جدا رغم اني لم اكن الاحظ غرابتها ابدا ، فمن يكون في وسط الدائرة لا يدرك ما يراه الاخرون به فعلا !! كنت اسمع كثيرا ملاحظات مثل انني "مهووسة بالابراج" !! و على الجانب الآخر كنت اسمع كثيرا بأني "عبقرية" !! فهل كنت مهووسة حقا أم عبقرية ؟؟
كنت امتلك قدرات غريبة فعلا على تخمين ابراج الاخرين الذين اصادفهم لاول مرة ربما حتى دون أن ينطقوا بكلمة واحدة !! مما كان يثير الرعب في قلوب من حولي أو يثير دهشتهم ، لم أقصد أن أصل فعلا إلى تلك المرحلة و لكني في طفولتي كنت اجيد مصاحبة الكتب لا البشر ، فحينما كنت اقرا كتابا اشعر بأن صديقا يحدثني و عندما كنت أمسك بقلمي لاكتب اشعر بأني اخاطب الكون كله ، لذلك فالنقاش الحي يثيرني جدا فهي لعبة لم أستطع أن استمتع بها فعلا في طفولتي ، ظهرت على شكل تأليف لمسلسلات و اعداد لبرامج مثل برنامج "ريد كاربيت " و برنامج " ذا كويز" ، القراءة في الطفولة جعلت مني شخصية مثقفة لكنها لا تجيد التواصل الحي المباشر مع الاخرين و لا تقرأ ردود أفعالهم و لا شخصياتهم ، مما جعلني شخصية انطوائية في مراهقتي الا ان دراستي للابراج كسر بعض الحواجز بيني و بين الاخرين فاصبحت زميلاتي يتعرفن علي لتحدثني كل منهن عن برجها و تستمع مني عن تحليلات الفلك لحياتها ، بدأت أصنف الآخرين بحسب أبراجهم و اتوقع على أساسها ردود أفعالهم و احاول أن اتصرف مع كل منهم بما يرضيهم و يتوافق مع توقعاتهم هم أيضا ، و كنت أظن بأن ذلك هو قمة الذكاء و لكن الحقيقة بأنه كان قمة في الغباء !!
لم ادرك أبدا ما الذي تفعله الابراج في الناس و في حياتهم الا بعد أن أصبحت ارد على مئات و آلاف الاسئلة يوميا عبر الانترنت من متابعاتي – الاغلب الاعم من متابعيني هن نساء – واستشف من خلال تعليقاتهن بأنهن – على الأغلب – محطمات نفسيا و يحاولن التعلق بأي أمل !! إما في حياتهن العاطفية أو الزوجية أو المادية .. يبحثن عن الامل بين سطور اجاباتي أو كلماتي التي أغرسها في ارواحهن كاللعنات !! كنت قاسية في قول ما كنت أعتقد بأنه الحقيقة !! كنت اسرد على مسامعهن كل ما تقوله الدائرة الفلكية بضمير و بحرفية و دقة شديدة دون أي مجاملة أو حتى حفنة أمل من جيبي ،  " ألا يمكن للقدر أن يتغير ؟" كن يسألنني مرارا و تكرارا مؤمنات بأن قدرهن .. كل قدرهن مرسوم بتفاصيله حول تلك الدائرة الفلكية ، و كنت في المقابل اجيب بضحكة ساخرة : "مستحيل أن يتغير !! " ..
كنت اؤمن فعلا بأن كل ما هو في الخريطة الفلكية لن يتغير أبدا !! ابتداءا بصفات الشخصية و انتهاءا بتنبؤات مواقيت الموت !!
-        هل سيشفى ؟
- هل سيعود ؟
- هل سأنجب ؟
- هل سيخونني ؟
- هل هناك حل ؟

لا .. لم أكن أؤمن بأي حلول .. كل ما هنالك ان يمكن للشخص أن يركز على أفضل ما قد يجده في خريطته الفلكية – و هو عادة نسبي مقارنة بالسلبيات – ليتفاءل بغد أفضل .

هل يعني ذلك بأننا مسيرون لا مخيرون ؟

هذا السؤال الأكثر جدلا بين فلاسفة العصور و مفكرين العالم هزني من الداخل ، ماذا لو كانت خريطتي الفلكية هي حياتي فعلا بكل تفاصيلها ؟ ماذا لو لم تعجبني ؟ ماذا لو كانت خريطتي الفلكية تلعنني و تتوعدني بآلام و أمراض و تنعت شخصيتي بأبشع الصفات ؟ هل استسلم ؟ هل يمكنني أن أتغير ؟ أم هي دائرة مقفلة لا يمكنني الانفلات منها أبدا ؟
يرى علماء الفلك بأن الظروف في حياتنا قسرية و شخصياتنا مرسومة لنا جبريا بخطاياها ، و لا يمكن تغييرها ابدا بل يمكن – في احسن الحالات – تطويرها .. فكان المنفذ الوحيد لي حينها هو علم الطاقة و تلك العلوم التي تعنى بالتنمية البشرية و تطوير الشخصية ، فهل وجدت من خلالها الحل الذي أبحث عنه ؟



يتبع ...