الأربعاء، 19 يوليو 2017

من التنمية البشرية الى علوم الطاقة

من التنمية البشرية الى علوم الطاقة

بدأت رحلتي مع علوم الطاقة في العام 2010 عندما سجلت في أول دورة لتعليمها و لم أكن أعرف اي شيء عن هذا العالم المختلف جدا ، كنت اظن في البداية بأن علوم الطاقة ما هي إلا امتداد لعلوم التنمية البشرية و بأن التنمية البشرية ما هي الا امتداد لعلم النفس و لكن شتان ما بين كل واحد منهم و الاخر ، فعلوم التنمية البشرية بدأت بتعلمها في عمر صغير جدا في العام 1997 عندما كنت مجرد تلميذة في المدرسة تمنيت أن أحصل على درجات أعلى لكن كثرة المواد أنهكت ذاكرتي من طول النصوص المفروض علي حفظها ، و في يوم ما كنت اتابع برنامجا مسائيا على شاشة تلفزيون الكويت حيث كان يبث لقاءا مع دكتور كويتي يدعي بأنه يستطيع تحويل كل درجاتي الى امتياز و بأنه يستطيع أن ينزل وزن أي كان – رغم انه لم يكن يتمتع بالرشاقة – و وعود براقة أخرى كثيرة ، كيف كان ذلك؟ بدينار واحد !! نعم .. بدينار واحد فقط !! ، توجهت إلى أقرب مكتبة في اقرب جمعية تعاونية و اشتريت بمصروفي شريط كاسيت واحد بدينار واحد و عدت إلى المنزل قفلت باب غرفتي و اطفأت الأضواء و وضعت الشريط في المسجل و اغمضت عيني ، كان الشريط عبارة عن تنويم مغناطيسي بصوته مدته أكثر من نصف ساعة متواصله ، علي أن استسلم تماما لكل فكرة يقولها كي تدخل مباشرة إلى عقلي الباطن ، التزمت بكل شيء كان يهمس به و كنت اسمع الشريط مرتين يوميا لمدة ثلاثين يوما في العطلة الصيفية ، و حينما بدأت الدراسة تشجعت كثيرا و ارتفعت درجاتي في البداية فعلا ثم بدأ الاحباط و التراجع و لم تسعفني بعدها كثرة استماعي للشريط بل بدأت أشكك في قدراتي الذاتية بدلا من أن أشكك في ذلك الشريط .
اذا كانت تلك هي أول تجرية لي مع التنمية البشرية التي كنت امدحها جهارا و لكن بيني و بين نفسي كنت أشكك بأنها قد لا تصلح للجميع ، فهي لم تصلح لي فعلا !! كنت أظن بأن ثمة خلل فيّ حتى اعترتني حالة من الاكتئاب الشديدة لأني كنت اقيم ذاتي بنجاحي و تفوقي الدراسي لأن ذلك بالضبط ما كان يزرع في عقلي الباطن من خلال شريط التنويم المغناطيسي ، و حين لم تكن درجاتي الدراسية كما اتمنى بأن تكون كنت أصاب بحالة من الاحباط و اليأس حتى اني كنت أنام لمدة اسبوع متواصل و لا أرغب في مغادرة الفراش أبدا !! لم تكن طموحي بأن أنجح في دراستي فقط بل كنت اطمح بأن تكون كل درجاتي كاملة و كل تقديراتي ممتازة !! حتى ان كل درجة كانت تنقص في شهادتي الدراسية كانت تنقص من احترامي لذاتي ، كنت اظن بأني لا أستحق شيئا .. لا استحق السعادة و لا استحق صديقاتي و لا مديح مدرساتي و لا استحق ملابسا جديدة و لا هدايا ثمينة ... كنت محطمة حتى اني تمنيت الموت !! نعم بسبب درجات دراسية !! و من وضع تلك الافكار في رأسي ؟؟ انه ذلك الشريط الذي اشتريته بنفسي حيث انه ربط في عقلي الباطن بين نجاحي في الدراسة و نجاحي في الحياة ككل و تقييمي لذاتي ، لم أكن أدرك في ذلك الوقت بأنه هو السبب بل اعتقدت بأن الخلل – كل الخلل – فيني انا و استمرت تلك الفكرة في عقلي الباطن منذ ايام المدرسة و حتى اخر يوم لي في المرحلة الجامعية ، و كلما كنت أكبر كان مستواي الدراسي يهبط و ثقتي بنفسي تقل و احاول بشتى الطرق أن أثبت للآخرين بأني لست غبية و لست فاشلة .. فقط حتى لا أنتحر !!
هل تعتقد عزيزي القاريء بأن ذلك كله نبهني بأن الخلل كان في الشريط الذي اشتريته بدينار واحد ؟ لا ، أبدا .. بل استمريت في شراء الكتب و الأشرطة التي تعلم كل ما يتعلق بالتنمية البشرية لاعتقادي بأن الخلل فيّ انا .


خلل يكبر و اسئلة تتضاعف !!

اقتنعت تماما بأن ثمة خلل فيّ انا حتى أن الكتاب الشهير "السر" لم يشفع لي !! فلم أستطع جذب أي شيء يذكر أو ذو فائدة حقيقية ، اذا لا أبراج و لا تنمية بشرية .. حسنا ، ماذا بعد ؟
هنا كنت محطمة على كرسي خشبي أمام سبورة و معلمة تشرح لنا اساسيات علم الطاقة ، كان كلامها غريبا جدا حتى ان كثيرا من المتدربات كن يسخرن منها و من الموضوع برمته ، لكن المعلمة كانت مصرة بأن علم الطاقة هو الجنة الموعودة و سيجيبنا عن كل أسئلتنا و سيمنحنا بركات و قدرات خارقة ستبهر كل من حولنا ، اما انا و كتلميذة مجتهدة كنت احرص على الحضور و استمع دون أدنى انتقاد ، لم أسأل عن اي شيء .. كنت اتلقى البضاعة المطروحة فقط متمسكة بقشة أمل ، و بعد اسابيع من الدورة انكشفت الاقنعة عن نوايا المتدربات ، فكل واحدة منهن صرحت برغباتها المكبوته التي جاءت الى الدورة ساعية لتلبيتها ، لن تصدقوا ما كانت نواياهن !! سأختصرها بكلمتين " الجشع و التحكم بالاخرين !!" ، لم يكن الموضوع يعنيني حقا فأنا لست مهووسة بالتحكم في أحد ما في حياتي و لست طمعانة في اي ماديات ، لم تكن تلك قضيتي و لا حاجتي بل كنت أرغب في تعلم المزيد ، و لم يكن تركيزي مع زميلاتي بل مع المعلمة التي لم اكلمها على انفراد الا في اليوم الأخير من الدورة و في الساعة الأخيرة منها ، توجهت اليها و دموع في عيني طامحة في حل لمشكلة فيّ لا أدركها ، توقعت بأنها تملك كل الحلول السحرية او على الأقل بأنها ستتعاطف معي لأن علم الطاقة يدعوها لأن تكون شخصية مثالية بشكل أو بآخر ، لكن المفاجأة كانت انها تجاهلت كل انسانيتي و وضعت امامي حلا واحدا وهو أن احجز موعدا معها في عيادتها بمبلغ و قدره ... !! أو لا تحدثيني أبدا !!
اي انها فقط ترى امامها "زبونة" و ليس " انسانة " !!
مجددا لابد بأن المشكلة تكمن فيّ انا و ليس في المعلمة و لا في علم الطاقة ، ثم ان ما هو هذا العلم ؟ ارغب في معرفة المزيد عنه، بحثت و تعلمت وحدي من خلال الكتب و مواقع الانترنت و سجلت في كل الدورات المعلن عنها في كل مكان و في أقل من عام صارت معلماتي تشهدن لي بأني قادرة الان على تعليم الأخريات و شفائهن و علاج مشكلات حياتهن من خلال علوم الطاقة المختلفة فقد كنت نابغة في التنويم المغناطيسي و الاستشارات و البرانيك هيلنج و كتاب الأكاشيك و طاقة المكان أو ما يسمى بالفينج شوي ، لم تكن مساعداتي بالمجان بل اصبح الجميع مستعد لدفع اي مبلغ اطلبه مقابل التحدث معي لمدة ساعة واحدة فقط !!
في المقابل كانت حياتي الشخصية تتحطم يوما بعد يوم ..


مسكنات الألم لا تعالج الألم حقا !!

أما المقربون مني فكانوا يتعجبون ، ظن الجميع بأني امتلك قوة هائلة و سلام داخلي لا مثيل له لأن لا ردة فعل مني على كل ما يحصل في حياتي و كأنني مخدرة تماما ، حتى أن كثيرين شكوا فعلا بأنني اتعاطى مخدرا ما أو حبوبا مهدئة ، كنت انام كثيرا جدا ، و حتى عندما اكون في وسط الآخرين اسرح دائما ، لست فعلا هنا !! كنت في اي مكان آخر عدا الواقع .. لأنه كان مؤلما جدا !! كنت أردد كل العبارات الايجابية و اهرب بها من واقعي ، اعلق كل يوم امنياتي على لوحة الاجتذاب المعلقة يمين التلفاز و احاول أن أقنع نفسي بأني استطيع جذب كل ما أريده بنفسي ، نسيت الدعاء .. ظننت بأن الله خذلني و لم أعد أهمه لأني لم أعتمد على نفسي ، ربما هي رغبة الله ان أعتمد على نفسي بدلا من أن ازعجه بطلباتي التي لا تنتهي !! لم انا اتكالية ؟ ، ثم أعود و أؤمن بأن كل امنياتي ستتحقق ..
 و لكن لا شيء يبقى فعلا ...


يتبع ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق