الخميس، 13 سبتمبر 2018

العصر الجديد .. خدعة متعددة النكهات

العصر الجديد .. خدعة متعددة النكهات





بينما تتجه الأنظار كلها في العالم إلى مفترق طرق يعيش الناس في خوف و رعب من المجهول ، بسبب تحديات العصر المختلفة يظنون بأن لا رجاء لهم إلا فيما يألفون و يعرفون عن ظهر قلب ، فالناس أعداء ما جهلوا و قد كانوا كذلك عبر الدهور ، أما الثورات الفكرية المتكررة عبر الأزمنة و العصور ما هي إلا صورة متجددة لتمرد آدم على الوصية الإلهية ، هل جميع الطرق تؤدي إلى روما حقا ؟ ربما هناك طريق آخر لم نعرفه بعد؟ أو قد تكون روما مجرد أسطورة لا وجود لها إلا في خيال الرحالة الباحثين عن سراب في وحشة الطريق الطويل !؟
إرضاء الجميع غاية لا تدرك و هي أشبه بتقطيع النفس و الجسد إلى أشلاء فلا ترجو بعد من هذا الجسد إلا أن يراق دمه سلافا بلا حياة ، فهل هي رغبة بالموت أم أن الموت بات هو الملاذ الأخير لكل التائهين في الدرب الموحش ؟
كيف يمكنك أن تعبر الطريق وحدك دون رجاء أو حتى أمل ؟ إلى أين تتوجه في تلك البرية ؟ ربما تعبر في الطريق لتجد غيرك ممن يحمل خريطة ما في طياتها احتمالات عديدة هو واثق بأنه يسير تماما بحسب الخطة ، فما هي خطتك انت ؟ و هل يمكنك أن ترى الصورة كاملة بينما أنت جزء صغير منها ؟
يعمد الناس إلى اتباع كل ما يشفي ألما ما ينخر في عظامهم ، ذلك الفراغ في الجوف مؤلم يمزق الأحشاء ، ما الذي ينقصنا إلا حفنة من سلام يعيدنا صغارا فننام حيث نعلم جيدا أننا في أمان حتى الصباح ، أما أولئك فتنبت الأشواك على أطراف ألسنتهم لتقذف كل ما يهدد ألمهم بالزوال ،هم لا يطمحون حقا للشفاء فقد أصبح الحلم باردا هشا لا حياة فيه ، سقط من الذاكرة تماما ، فالبديل إذا مرهم ما يخدر الألم قليلا من الوقت ليعود بعدها في موعده .
في قائمة المحتويات مراهم كثيرة بألوان و نكهات مختلفة ، لا تتشابه فيما بينها أبدا إلا أنها جميعا مراهم تخدر الألم مؤقتا و لن تشفي إلى التمام أبدا ، يمكنك أن تجرب ما تشاء منها ، ضيع كل الوقت الذي تملك فالكازينو وحده الرابح دوما في أي مقامرة على أرضه ، هل تبحث عن حل ؟ .. لا بد بأنك قد حفظت السيناريو المكرر عن ظهر قلب حتى فقدت كل الشعارات مصداقيتها في رأيك .
اعمل بصمت ، ذلك الضجيج لن يدع النور يشع من خلالك ، ما الذي تقاومه ؟ هل تحاول مقاومة الشر ؟ ماذا لو كنت انت من سمح له بالدخول منذ البداية ؟ .. حسنا، ربما لم يكن خطأك لكنك حتما تعيش فيه و تقطف نتائجه !!
قليل من هذا و المزيد من ذاك ، لن يعلم أحد بحقيقة خلطتك السرية التي تعتقد بأنها من ابتكارك .. تؤمن تماما بأنك فعلا قد وصلت إلى ما لم يصل إليه الأخرون !! ، هل تلك هي الحقيقة فعلا ؟ أم أن الحقيقة لا وجود لها فهي مجرد وهم !؟ .. ربما هي مجرد اعتقاد فكل ما تعتقده هو حق ، إذا انت هو الحق .. كيف اذا تجهل نفسك أو تنكرها ؟
في الظلمة حينما لا تقوى على السطوع قد تستعير نور الآخرين لكنك لن تنير أبدا ما لم يكن النور يحرقك انت لتتلاشى بكبرياءك ويبقى النور فقط ، فهل أنت هو النور ؟
طلاسم هنا و هناك تخفي الكثير من الألغاز تحاول بشتى الطرق إضاعة وقتك ليطول شقاؤك في الرحلة الطويلة ثم .. لا هدف ، لم لا تكون الأمور أبسط ؟ ألا ينبغى أن تكون كذلك ؟ .. هل التعقيد يعطي للأمور قيمة أكبر ؟ هل تثير كبرياءك فتعمل جاهدا لاثبات أنك تملك الحكمة الأسمى ؟  .. هل انت هو الحكمة ؟
تغلبك الأسئلة فتتجاهل البحث برمته لتعود إلى حضن أمك الدافيء حيث تجد كل ما تألف و تعرف ، تغمض عينيك مجددا متجاهلا كل الضجيج في داخلك ، فتغفو عن الحياة لتكون كجثة جميلة تتنفس تحت حجاب الجهل .. أو التجاهل ، فهل التجاهل جهل أم أنه هو الحل ؟ .. لم كل ذلك التعقيد ؟ لم هذا الوجود أصلا ؟ لا فائدة من البحث اذا ..
إنما قد يجدك ما تبحث عنه لتكتشف بأن ما تبحث عنه كان هو يبحث عنك في كل مكان و كان صوته يصم الآذان إلا أنك لم تكترث بالسمع ، ربما تكون الاجابة أبسط من ابتسامة طفل وليد أو أرق من نسمة هواء ، ربما هي كذلك كانت قبل كل الأزمنة و العصور و للأبد تكون ، ربما تكون الحقيقة هي ذلك النور الذي يجعلك ترى الحياة كل يوم دون أن تفكر أبدا عن مصدره ، أفلإنك تجهل مصدره .. اذا لا وجود له ؟
فكر إذا مجددا و اصمت في حضرة الوجود لتسمع صوت الحق يناديك و دعه يشعل نارا بروحك لتكون أنت نورا للأمم

أوراد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق