في زحمة الماديات و الايدلوجيات يبحث القلب
عما يرويه من محبة و اهتمام و سلام ، تلك العلاقات المختلفة في حياتنا اليومية و تلك
الاوهام التي حيكت عنها ، لن أتكلم أكثر عن حب الذات الزائف الذي يدعوك أن تكون
كوكبا يدور خارج المجرة واهما اياك بأنك محور الكون و يقف الكون رهن اشارتك ، بل
تلك العبادات الوثنية التي تجلت بالهوى و الغرام و ما سمي عشقا يخفي تحته الكثير
من الحرمان الروحي و الفراغ الداخلي .
هل تشعر بالوحدة ؟
اذا فابحث عمن يشاركك هذا الشعور لتتبادلا
الشعور بالوحدة معا ، و كل ذلك الخوف من ان يتركك الاخر وحيدا وحدك ماهو إلا تعرية
للألم الحقيقي ، فهل تدرك ألمك الحقيقي من الأعماق ؟ هل تدرك بأن آلاف العلاقات لن
تبكم هذا الصوت المزعج بداخلك .. صوت الحق يرجوك أن التفت إليه ، فقد خلقت لتمنح
الحب لا لتسلبه من اعجاب الاخرين بقشورك .
تميزي هو ما جعلني وحيدا
بل هو كبرياءك و ضعفك في الاعماق ، أما الضعف
فهو وارد أما أن تلبسه رداء الكبرياء فلن يجديك ذلك نفعا ، بل سيزيد الطين بله ،
كيف لك إذا أن تمنح الحب و أنت خال منه تماما ؟
ان الضعف في أعماقك سيذكرك بانسانيتك ، أما
وهم "تأليه الذات" فلن يشفي غليلك بالنهاية بل سيزيد من احباطك ، لأنك
لن تمتلك أبدا حكم الاخرين أو التحكم بهم أو سلب ارادتهم بل أنت بذلك تكون قد قيدت
نفسك و فكرك و قيمتك بما لا يمكن أن يكون حقيقيا ، ليست أراء الآخرين عنك هي قيمتك
، لا بالايجاب و لا بالسلب ، أما أنت .. فمن أنت كي تحكم على الاخرين ؟ من انت
لتظن أن ذنبك مغفور و خطاياك مبررة دون خطاياهم !؟
تستفزني تلك الخطابات كثيرا ، و اذكر حينما
كنت غارقة في نفس الفكر يوما ما ، اذكر اني كنت استنكر بيني و بين نفسي تمجيد
الاخرين لي على توافه الامور ، كنت أدعي –كما علموني- الايجابية و المثالية و كل
ترهات العصر الجديد كما كنت أملك –بحسب ظنوني انذاك- كل الاجابات و الحلول فلا
أحتاج أحدا ، و لكني كنت وحيدة رغم الزحام من حولي ، و كنت أخشى كل شيء و لم أكن
أصدق أي شيء لأني خذلت كثيرا و جرحت كثيرا و نزفت كثيرا حتى ارتأيت أن ألملم ما
تبقى مني لأعيش بنفسي مع نفسي و اتغذى على اعجاب الاخرين بأي صورة قد أقدمها عن
ذاتي لهم .
تلك الساعة الباهظة الثمن على معصمك .. لمن
ترتديها ؟ .. فخامة السيارة التي تقودها .. إلام قادتك فعلا ؟ ، هل اشتريت احترام
الناس بحفنة أموال .. بقشور مظاهر ؟ ، هل انت تحترم من يسلك ذات المنهج في المقابل
؟
ما الذي حصل للبساطة ؟ اين دفنت ؟ .. اين
باتت الحياة دون شبكة انترنت ؟ .. ثمة تواصل لا يحدث إلا بالقلوب .. فأين ماتت
القلوب؟ و في أي قبر دفنت ؟
لم أظن يوما بأن التطور ذاك هو لعنة اجتماعية
، لكن الفكر البشري هو الذي يهوى التلاعب بشتى الطرق و لا بأس بطريقة جديدة و اخرى
و اخرى أيضا ، فالأساس يكمن فيك انت .. أين انت ؟ و اين صرت ؟
عد إذا لتتأمل يومك و ابدأ من النهاية لترى
بأنك غارق في ما لا تحتاجه فعلا و لا تطيقه ، فالحياة الوهمية التي نخلقها لنشبع
شيئا من هوة الفراغ العظيمة بداخلنا لن تصبح حقيقة أبدا ، لأن حقيقة الحياة قد
نكرناها و تركناها متجاهلين مسئولياتنا الحقيقية بأن نكون أشخاصا أفضل لنحيا الحياة
التي قصدها الله لنا ، تلك المسئولية التي كلما تجاهلناها صرنا نراها عبئا أثقل من
حقيقته ، ماذا لو تركنا الله يعمل فينا لينجينا بدل أن يجرفنا الكبرياء بعيدا عن
ارادته؟ ، و انما هي ارادته ان ننمو و نكبر و نتقوى بمحبته هو ، المحبة الحقيقية
من الإله الحقيقي ليست وهما أبدا ..بل يسقط كل وهم أمامها و يتلاشى ،هنا حيث لا شي
سوى الحقيقة .. فتعرى أمام الله ليشفيك و ينجيك بدل أن تهرب منه ساترا خطاياك بالمزيد
من كبرياءك ، هو النضج الحقيقي أن نعترف بأخطائنا و بضعفنا و هي القوة الحقيقية. و الولادة الجديدة .
أوراد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق