الخميس، 30 مايو 2019

ليس كل ما يلمع ذهبا !!







ليس كل ما يلمع ذهبا !!
شعارات رنانة كهذا الفيديو لا يعبر فقط عن رأي متلفظيه و لكنه فكر العصر الجديد أو التنوير الذي هو فكر بشري ذو بصيرة محدودة و ليس إلهي أبدا بل هو في أعماقه شيطاني جدا و مخادع فيضل و يضر معتنقيه .
نعم ، أؤمن بحرية الآخر و أيضا أؤمن بمناقشة الفكر و ليس الاشخاص لذا فالحرية هي في مناقشة الافكار بعضها بعضا .

التقدير الذاتي المزيف
كل هذا الفكر الذي يدعوك لحب ذاتك و تقدير ذاتك بأنك تحمي نفسك من أي جرح من أي شخص من أي ألم هو فكر زائف و فاشل لأنه في الواقع يكشف مدى هشاشة أعماق معتنقيه ، فان كان الآخر بقوله أو فعله لأعمال مشينة أو إلقاء الاتهامات أو النقد الجارح أو حتى الطعن في قيمتي الشخصية يؤثر في الحقيقة عليّ فذلك يعني حرفيا أن قيمتي كانسان مرهونة تماما بتصرفات و أقوال و مشاعر الآخرين اتجاهي .. و هذه مصيبة بحد ذاتها !!
عمق التشويه لفكرة المحبة و قبول الآخر و التلاعب و الضحك على الذقون ينكشف في تناقض الفكرة المطروحة عند المتنورين "مدّعين الايجابية" ، فإن كانت قيمتي تأتي من الآخر فكيف اذا تدّعي حب الذات و الاكتفاء بها ؟ ، و ان كانت قيمتي في حبي لذاتي و الاشباع الذاتي بالانجازات و الماديات .. اذا لم قد يؤثر الآخر علي بقوله أو بفعله ؟

هل اهانة الاخر لي هو أمر مشروع اذا ؟
ليس هذا ما أقصده .. بل ان الاخر لا يمكنه اهانتك من الاساس ، فكل قول أو فعل يقوم به الانسان هو في الواقع يعبر عن نفسه ببساطة ، فالبكاء يعبر عن الحزن و الغضب يعبر عن الخوف و الغيرة تعبر عن الشعور بالنقص .. و كل تلك المشاعر طبيعية لدى البشر لأنهم ليسوا مثاليين أبدا و لا يمكنك أن تلزمهم بذلك لأن الرب الذي خلقهم قد منحهم الحرية في اختيار الصح و الخطأ و هو فقط المسئول عنهم و عن نتائج اختياراتهم و ليس أنت !!
لم اذا تتعاطف مع شخص يبكي بين يديك -مثلا- لكنك ترفض أن تتعاطف مع شخص غاضب بسبب خوف ما في أعماقه ؟ ..
رغم ان اجابة "المتنورين" هي : بأن كلاهما يحمل "طاقة سلبية" تدفعني لتجنبهما دون التفكير .. دعني أخبرك سرا بأنك ببساطة لست انسانا  !!

الطاقة الانانية
بدليل ان هذا الفكر لا يمت للانسانية و الخير بصلة و هو حتما ليس ذو مصدر إلهي خيّر بل هو شيطاني شرير بحت أنه سيدفعك عاجلا أم آجلا إلى عدم التعاطف مع الآخرين و بذلك تكون مع الوقت شخصا انانيا نرجسيا ، بل ان ادعاءات "المتنورين" الفاشلة في تزيين أفكارهم قد وصلت بهم أن يلزموك بمسامحة الآخرين و لكن لنفسك فقط .. اي أنهم يروجون إلى الغفران الأناني من اجل "حفظ طاقتك الايجابية" لنفسك فقط دون الاخر – المخطيء السيء الشرير- فأي غفران هذا ؟ و أي محبة مزيفة تلك التي تبرر لي خطيئة الانانية و لا تبررها للآخر ؟
كل تلك الأفكار تكشف الجوع الروحي و الداخلي للمحبة الالهية العميقة و التي يفتقدون إليها بشدة ، لذلك فالذين يتبعونهم يشعرون بالاستنزاف الروحي بعد فترة بسيطة و يتعلقون بالادمان و الهوس لممارسة شتى أنواع الطقوس البوذية و الهندوسية في العلاج بالطاقة الكونية أو اليوجا من اجل الشبع المؤقت الذي سرعان ما يتركهم أكثر عطشا و أعمق جوعا و أكثر ألما .

ماذا أفعل ان اهانني أحدهم اذا ؟
أولا تذكر بأنك كانسان لا يمكن لأحد أن يسلب منك كرامتك لأن لا أحد من البشر قد قام بمنحك اياها يوما ما ، بل هو خالقك الذي منحك نفسك و ذاتك و كرامتك و أحبك فوق كل تصور و كل ذلك لا يستطيع أي مخلوق مهما كان أن يسلبك إياه لأنه ببساطه لا يملك أي سلطان حقيقي عليك .. ما لم تؤمن أنت بعكس ذلك !!
أي أن بعض البشر نسوا قيمة الاله ففقدوا قيمتهم تباعا لأنهم بحثوا عن آلهة أخرى يستقون منها القوة و المحبة و القيمة الذاتية ، تذكر بأن لا علاقة لما أذكره هنا بالدين أبدا ، فقد تكون عابدا بالجسد تابعا بالوراثة لأي دين كان ظاهريا لكن روحك في الأعماق لا تزال فارغة تائهة تبحث عن بشر ليشبع احتياجها للمحبة و التقدير و الكرامة و حتى الحياة .
في الحقيقة هناك فرق كبير بين حب الآخر و التضحية من اجله و بين عبادته و استعباده في المقابل و هذا الفرق ليس واضحا اليوم بل تم تشويهه بكل الطرق الممكنه دون وعي ، فالمحبة عطاء غير محدود و غير مشروط و قد ترى بأن فكرتي مثالية و لكنها واقع فالله أحبنا فعلا دون شروط و دون حدود و قد منحنا كامل الحرية في قبوله أو رفضه على مختلف المستويات ، و من صور المحبة البشرية الحقيقية هي محبة الابوين لأبنائهما مثلا و هي محبة بشرية لكنها ذات طابع إلهي طبعها الله في قلوب البشر للمحافظة على النسل ، فبرغم الألم و التعب و الجهد تشفق الأم على وليدها و تفكر بجوعه و عطشه متجاهلة ألمها و غير مبالية بأي مردود حقيقي من هذا الطفل المزعج المزاجي العصبي العنيد بل تراه ملاكا طاهرا صغيرا  من نقاء محبتها له ، في المقابل هذه الصورة النقية من المحبة يمكن تطبيقها بين الرجل و المرأة في الزواج مثلا او بين الاخوة و الاصدقاء ، فلم لا تكون المحبة باحتواء و اهتمام و صدق ؟ ، لم لا أقوي زوجي في ضعفه و لم لا احمل زوجتي في سقطتها دون منة ؟ ، لم لا احنو على صديقي عندما تكسره الضغوط و لم لا اطمئن قلب اختي حينما تتحطم  من الألم ؟
الاجابة ببساطة هي : لأني عاجز عن المحبة التي لا أمتلكها في أعماقي !!
و هذا بالضبط هو السبب الذي يدفع الكثيرين لفكر العصر الجديد وهو المهرب السهل من حقيقة فراغنا من المحبة الحقيقية ..
عزيزي الانسان ، انت تحتاج الرب بقوته و محبته .. أما الكبرياء الذي ترتديه فهو باطل و انت تدرك ذلك جيدا .. لا تخشى ضعفك و احتياجك في الاعماق .. كف عن تغطيته بالكثير من العجرفة لأن قناعك الهش سرعان ما سيسقط .. و سيسقط في أي لحظة ليكشف ألما أعمق و أكبر من أن تحتمله وحدك !!
ان كنت فعلا تعرف كم يحبك خالقك لما كسرك أحد بكلامه أو افعاله بل لكنت انت درت اليه و حنوت عليه و منحته المحبة و الغفران حتى تشفي جرحه الأليم ، من يقوم بجرحك هو مجروح حتما فلا تنس ذلك أبدا ، و ان لم يبد لك ذلك فهو لأنه يختبيء خلف قناع كبرياءه .. تماما مثلك انت ، و ان اختلف لون القناع أو شكله أو اسلوبه إلا أنه زائف على كل حال .

ماذا لو ..؟
لو فكرنا باتباع طريقة العصر الجديد و لو تأملنا لدقائق فقط النتائج الطبيعية المنطقية المستقبلية لخطتهم المقترحة سنجد بأنها السم القاتل المغلف بالعسل ، فلو شعرنا بالاهانة من تصرفات الاخرين و اقوالهم يعني اننا اعطيناهم سلطانا علينا لتقييمنا و هذا سيجرحنا في الاعماق فنصبح في النهاية مجروحين تماما مثلهم ، هذا الجرح بداخلنا سنحمله معنا من العلاقة –أيا كانت-  و نحاول أن ننكره –حتى نحافظ على طاقتنا كما يعتقدون- مرتدين قناع الكبرياء خارجا بينما الالم ينخر في قلوبنا التي تتشوه بالتالي و تنزف حتى تستنفذ فلا نملك محبة حقيقية بعد ذلك نمنحها لأشخاص آخرين في حياتنا بل و ستتشوه محبتنا لذواتنا و صورتنا الداخليه ، فننفق المزيد من الاموال لنرضي كبرياءنا المزيف بأن نقوم بالمزيد من عمليات التجميل الجسدية دون تجميل ماهو ينزف في ارواحنا ، او قد نتجه لمعالجي الطاقة ربما لنعطيهم ما نملك و ما لا نملك فقط أي شيء لاسكات الألم دون جدوى ..
نعم ، انت متألم و مجروح تماما مثل الاخرين
نعم ، انت انسان و تحمل في داخلك ضعفات
نعم ، ستتحول إلى وحش كاسر كمن كسرك بالضبط ان لم تعد إلى محبة الله لتتعرى أمامه باعترافك بضعفك و احتياجك ..
اما الله فهو سيمنحك المحبة الكاملة التي ستطرد كل المخاوف من قلبك ، فتستقي منها و تشبع و تفيض منك على الاخرين .. فلا تكون انت بالحقيقية إلا .. محبة


أوراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق